وزير العمل القطري عن أزمة عمال كأس العالم: نتعرض للعنصرية و المونديال في مهب الريح
وزير العمل القطري عن أزمة عمال كأس العالم نتعرض للعنصرية و المونديال في مهب الريح

أعلن وزير العمل القطري علي بن صميخ المرّي، رفض بلاده الدعوات المطالِبة بإنشاء صندوق خاص لتعويض العمال المهاجرين الذين قضوا أو تأذّوا على أراضيها خلال تشييدهم المشاريع الضخمة لاستضافة كأس العالم، منددًا بتعرّض الدوحة لهجمات “عنصرية”.
وقال الوزير القطري – في مقابلة مع وكالة “فرانس برس”، هي الأولى له مع وسيلة إعلام دولية – إن الدوحة لديها منذ سنوات صندوقًا لتعويض العمال المهاجرين وقد دفعت من خلاله لهؤلاء مئات ملايين الدولارات من التعويضات والمعونات.
ومع اقتراب موعد انطلاق مونديال قطر لكرة القدم في 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تتزايد الانتقادات لسجلّ الإمارة الخليجية الحقوقي، ولا سيما لجهة حقوق العمال المهاجرين.
وتطالب منظمات حقوقية كلاً من السلطات القطرية والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بإنشاء صندوق بقيمة 440 مليون دولار لتعويض هؤلاء العمال، لكن الوزير القطري سخّف هذه الفكرة، معتبرًا إياها مجرد “حيلة دعائية”.
وأضاف المرّي أن دولاً ومنظمات استخدمت “معلومات كاذبة وشائعات” بهدف تشويه سمعة قطر بادعاءات مضللة عمدًا”، قائلًا إن بعض السياسيين الأجانب استخدموا “معايير مزدوجة” وجعلوا من قطر “ساحة لحلّ مشاكلهم السياسية”.
ولم يعط الوزير مثالاً على هؤلاء السياسين، لكن قطر استدعت الأسبوع الماضي السفير الألماني في الدوحة احتجاجًا على تصريحات أدلت بها وزيرة الداخلية الألمانية وشكّكت فيها بأهلية الإمارة الخليجية لاستضافة المونديال.
واعتبر الوزير القطري أن بعض الأصوات التي هاجمت بلاده كان بدافع “العنصرية”، قائلًا: “هم لا يريدون السماح لدولة صغيرة، دولة عربية، دولة مسلمة، أن تنظم كأس العالم. هم على بينة تامة من الإصلاحات التي حصلت، لكنهم لا يعترفون بها لأن دوافعهم عنصرية”.
وتقود منظمتا “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” حملة لدفع الفيفا وقطر لإنشاء صندوق خاص لتعويض العمال بقيمة 440 مليون دولار يتم اقتطاعها من قيمة جائزة كأس العالم. وتتهم جماعات حقوقية قطر بعدم الإبلاغ عن كل الوفيات التي حصلت في صفوف العمال المهاجرين خلال عملهم في ورش البناء.
لكن السلطات القطرية تنفي بشدة صحة تقارير أفادت بوفاة آلاف العمال المهاجرين في حوادث وقعت في ورش البناء أو من جراء أمراض أصيبوا بها بسبب عملهم في درجات حرارة مرتفعة جدًا خلال فترة الصيف.
من جانبه، رد الفيفا على هذه الدعوات بالقول إنّ هناك “حوارًا مستمرًا” بشأنها.
وفي أول تعليق علني للحكومة القطرية على هذه الدعوات، قال المرّي إن هذا الاقتراح غير عملي، مضيفًا أن بلاده لديها أصلاً “صندوق تعويضات ناجحًا”.

واعتبر الوزير القطري أن “هذه الدعوة إلى حملة تعويضات ثانية بقيادة الفيفا هي حيلة دعائية”، مشددًا على أن “كل حالة وفاة هي مأساة”.

ولفت إلى أنه “ليست هناك معايير لإنشاء هذه الصناديق”، متسائلًا: “أين الضحايا، هل لديكم أسماء الضحايا، كيف يمكنكم الحصول على هذه الأرقام؟”.
وبالفعل فإن مسؤولين في اتحادات نقابية دولية سبق وأن أقروا بأن إنشاء مثل هكذا صندوق وإدارته سيكونان مسألة غاية في التعقيد.
وفي 2018 ، أنشأت قطر “صندوق دعم وتأمين العمال” بهدف مساعدة العمال المهاجرين إذا لم يدفع أرباب عملهم مستحقاتهم المالية.
وأكد الوزير أن هذا الصندوق صرف في العام 2022 وحده 320 مليون دولار، قائلًا : “إذا كان هناك شخص له الحق بالحصول على تعويض ولم يحصل عليه فيجب أن يقدم طلبًا وسنساعده”، مشيرًا إلى أن قطر مستعدة للنظر في حالات تعود وقائعها إلى أكثر من عقد.
وأعرب الوزير القطري عن أسفه لأن منتقدي بلاده تجاهلوا الإصلاحات التي نفذتها منذ 2017 بمساعدة من منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة واتحادات نقابية دولية.
وفي الواقع فإن نظام “الكفالة” الذي كان معمولاً به في الإمارة لاستقدام العمال المهاجرين والذي قالت منظمات حقوقية إنه يرقى إلى ما يشبه العبودية، لم يعد قائمًا في قطر عمليًا.
وبات بإمكان العمال الأجانب في قطر أن ينتقلوا من رب عمل إلى آخر، أو حتى أن يغادروا البلاد، من دول الحصول على إذن مسبق من صاحب العمل، وهو أمر كان مستحيلاً وفق نظام الكفالة.
كما أقرت الحكومة القطرية حدًا أدنى للأجور قدره ألف ريال شهريًا (275 دولارًا)، واستحدثت قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر، وفرضت قيودًا مشددة على ساعات العمل في ظروف الحرارة الشديدة.
وبحسب المرّي فإن 420 ألف عامل غيّروا وظائفهم منذ أقرت هذه الإصلاحات، في حين دفع صندوق التأمينات هذا العام فقط 320 مليون دولار معونات للعمال الذين خسروا رواتبهم.
وأبدى الوزير أسفه لأنه “بعد كل هذا الجهد وهذه الإصلاحات ما زال هناك أناس يهاجموننا”.
وهذا الأسبوع قالت منظمة العمل الدولية إن الغالبية العظمى من الشكاوى التي قدمها عمال مهاجرون في قطر تتعلق برواتب ومستحقات مالية لم يتقاضوها، مشيرة إلى أن التحدي الرئيسي أمام الإمارة يكمن في التطبيق الصارم لقوانينها الجديدة، وفي هذا  الشأن قال المرّي إن وزارته تركز على هذه المهمة.
وأكد أنه “إذا تأخّر دفع الراتب شهرًا، ندفع (للعامل) من الصندوق ونتخذ إجراءات بحق صاحب العمل”، مشيرًا إلى أن أصحاب الشركات المدرجة في القائمة السوداء دفعوا “غرامات كبيرة” وبعضهم سُجن.
وأغلقت السلطات القطرية 42 وكالة لاستقدام العمال بعدما ثبت لها أنها تستغل هؤلاء، كما زاد عدد المحاكم المتخصصة بالنظر في شكاوى العمال من ثلاث إلى خمس، وأمرت السلطات بزيادة جولات التفتيش على الفنادق والقطاعات الأخرى خلال كأس العالم.
وشدد وزير العمل القطري على أن الإصلاحات ليست نتيجة للمونديال بل إن استضافة كأس العالم “سرّعت” هذه المسيرة فحسب.
وأضاف: “سنعيد التأكيد على التزاماتنا وسنواصل إصلاحاتنا، لأننا نريد تحسين بلدنا باستمرار”.
ولفت المرّي إلى أنه سيسافر إلى جنيف حيث سيجري الخميس محادثات مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونغبو تتعلق بتحويل مكتب الوكالة الأممية في الدوحة من مؤقت إلى دائم.
كما ترغب قطر باستضافة حوار سنوي بين دول في غرب آسيا ودول أفريقية وهيئات نقابية وسواها لمناقشة سبل تعزيز حماية العمال المهاجرين.
وقال المرّي : “نحن نقود المنطقة الآن في مجال الإصلاحات المتعلقة بالهجرة”، مضيفًا : “لدينا علاقات جيدة مع جيراننا، ويمكننا تبادل أفضل الممارسات”.

ومن ناحية أخرى، وفي تغريدة مفاجئة، اليوم الخميس، أعلن الناطق الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أنه مع تسارع الأحداث: يبدو أن جهود قطر في تنظيم كأس العالم قطر 2022 سوف تذهب في مهب الريح، ولم يوضح بيسكوف ماذا وراء تلك التغريدة، وعلاقتها بالحرب الدائرة.