هل إخترت دينك لنفسك ؟ . الجمال نيوز

الجمال نيوز – نتحدث اليوم حول هل إخترت دينك لنفسك ؟ . الجمال نيوز والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول هل إخترت دينك لنفسك ؟ . الجمال نيوز، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها الجمال نيوز بشكل عام.

(الأديان كلها من الله عز وجل، شغل الله بكل دين طائفة من الناس لا اختيارا فيهم، بل اختيارا عليهم، فمن لام أحدا على بطلان ما هو عليه فقد حكم انه قد اختار دينه لنفسه، وأعلم أن اليهودية والنصرانية والإسلام وغير ذلك من الأديان هي ألقاب مختلفة وأسماء متغايرة، والمقصود منها لا يتغير ولا يختلف ) هذا ما قاله الفيلسوف إبن منصور العربي، وبتصرف منى ايضا : ” ليس من حقك ان تلوم احد على دينه ،إلا إذا كنت قد اخترت دينك لنفسك “

وليس لأحد فينا فضل او خيار أو سبق في هذا ، وجودنا جميعا في الحياة مصادفة جغرافية ، ودياناتنا جميعها عرضا تاريخيا ، أو قل فرض وإلزام وليس انتقاء أو اختيار، ما كان لاحد فيه قرار أو إرادة، وتشددك وتعصبك لدينك شحن وإنحياز وتحزب لموروث تاريخي عائلي وقبلي ، وزعم بالريادة وإنتحال للإمامة وادعاء للزعامة والعمادة ، هذه المصادفة التاريخية ليس من حقك فرضها على خلق الله ،وربما لو كنت على دين غير دينك لكنت اكثر تطرفا وتجاوزا ، ولا أستبعد ان تكون احد متعصبي السيخ ” مثلا ” وتطارد ضعاف المسلمين فى شوارع القرى المزدحمة، ويهرولون حفاة عراة أمامك في فزع وهلع، وتلطخ يديك بدمائهم البريئة، ثم ترفعها الى السماء لنفس الإله تضرعا و قربانًا ، وتطلب منه القرب والقبول والرضا ، ولربما تكون احد هؤلاء المسلمين الضعفاء الفارين وتختبئ وتتخفى خلف ساتر وتتمتم وتدعو بدقات قلبك الواهنة ان ينجيك واطفالك من هذا المتعصب الذى يشج الرؤوس وينحر الرقاب ،وتدعوه ان يتقى الله في رقاب العباد الابرياء ، فندعوا الله لكما ان ينجى كل واحد منكما من الآخر .

والمرء على دين أبيه وأجداده ،ورثه كما ورث تركاتهم ، وانت واحد من المليارات الذين ينتسبون الى اربعة الآلاف ديانة على مستوى العالم وورث دينه كما ورثته ، والكل على باب الله ، والكل على يقين انهم على الحق ثابتون لا يتزحزحون، وأن دينهم يمتلك الحقيقة المطلقة ، وعشيرته الى الجنة سائرون ، والى فضل الله ومحبته لاجئون ، ومنوط بهم دون غيرهم خدمة الرب وإعمار بيوته وزيارتها ، فلا صلاة غير صلاتهم ، ولا شعيرة غير شعيرتهم ، ولا شريعة تدنو من شريعتهم ، والغريب ان هذا اليقين الذى يعتنقه الجميع يقين دون دراسة جادة لهذه الديانات جميعها ، حتى يتثبت ويترسخ هذا الإدراك ، ويبلغ الاصطفاء مداه ، والتصفية منتهاها ، او يهتز ويضطرب ويتراجع ،وليس اليقين والتثبيت إلا بالمقارنة والدراسة والبحث حول الحقائق الاخرى، وهو أمر صعب المنال ، فلا حقيقة مطلقة، ولايقين ثابت على الإطلاق ، كل الحقائق نسبية ومتغيرة وتحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب

ومهما حاول الجميع التقريب والتوفيق بين الاديان ، تظل هذه المحاولات السياسية يجانبها الصواب اليوم وغدا ،وعند مفترق الطرق وأبسط الخلافات تظهر الخصومة والشقاق جليا ، ويطفح على السطح ما كان خافيًا ومستترًا من الخجل ، حتى اضحى الخلاف الديني هو الاكثر تهديدا لأمن الشعوب وسلامتها ، فلا ديانة تقر وتوافق الديانة اللاحقة أو السابقة عليها ، المسيحيون لا يعترفون باليهودية او العهد القديم ،واليهود لا يعترفون بالمسيحية ويعتبرونها ثرثرة تاريخية ، والمسيحيون لا يعترفون بالإسلام لان المسيح هو المخلص الاخير و نهاية العالم وما بعده ليس دينا ، والمسلمون لا يعترفون إلا بالإسلام دينا ولن يقبل غيره ، وكل الاديان ثقتها عامة ويقينها انها صالحة للناس جميعا لكل زمان ومكان ، والنرجسية والتعالي منهج معتمد ومعتبر عند اصحاب الاديان جميعها فى السر والعلن ، اليهود يعتبرون انفسهم اصطفاء الله من خلقه ، والمسلمون على يقين انهم خير امة اخرجت للناس، والمسيحيون مقتنعون انهم المخلصون ، ومادام الامر كذلك والتقارب هذا يحتاج الى جراحة تاريخية تستدعى البتر ، ولا أمل فى التوافق والتقارب ، ولا قدرة ولا طاقة لتمهيد ورصف طريق سهل يسافر فيه الناس بين هذه الاديان في سهولة ويسر خصوصا فى بلادنا ، ومادامت التفاهمات والمقاربات مقبولة فى الخلافات السياسية والاقتصادية ومستحيلة ومرفوضة فى الاغلب الاعم بين الاديان يصبح الصدام حتمي والقتال مباح ومتاح تحت بند القرار العلوى والشرعى ، فلامناص من العزل التام والحصار داخل المنابر الدينية .

الناس مخطئون جميعا فيما يصنعون فى الاديان او فيما يتصنعون لها ، فما جاءت إلا لراحة الناس وخدمتهم ، وماخلقهم الله إلا للعيش فى سلام ونعيم ، والإستمتاع بما خلق وسوى ، والسعى فى الحياة ، لايتقاتلون ولايتخاصمون في الله ، بل يتعايشون فى امنه وراحتة ونعمه وفضله ، وليست الدنيا دار حرب بل دار سلام ، وليس غيرك على ضلال وانت على الحق ، الحق هو الله ،ومادونه محل نظر ومقبول فلا إثبات عليه ولابرهان نهائى يستدعى الخلاف والقتال ، والدين كله لله ،وأمر الناس للناس ” الدولة المدنية هى الحل “.

 

** كاتب مصري

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “جريدة الجمال نيوز”


وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.